29‏/11‏/2012

خطبة يوم الجمعة في الجامع الناصري



 
2.3.2012
(هكذا طبيعة الكون خلق الله للرجل الزكاء والقوة والحكمة, والطيش والحنان للمرأة ليتوازن الكون).

نزلت ضيفة عند أقاربي في باب التبانة, وتعودت كل يوم جمعة أن أجلس على الشرفة واستمع لخطبة الجمعة في الجامع الناصري, مرت شهور عديدة كانت خلالها خطبة يوم الجمعة دائماً عما يجري في سوريا حتى مللنا الاستماع إلى خطبة الجمعة لما فيها من تكرار وتكرار وتكرار وكأن العالم توقف والدين انتهى فقط عن الأحداث الدائرة في تلك البلد, إلى أن قرر شيخنا الجليل بعد أن شعر بتململ بعض المؤمنين أن يغير خطبة يوم الجمعة هذا الأسبوع لخلق بعض السوسبانس لزبائنه المترددين على الجامع (نعم زبائن, هكذا أصبح شيوخنا الأفاضل يتعاملون مع بعض المؤمنين الذين ينتظرون هذا اليوم لكي يتعبدون الله قليلاً, ونعتذر عن هذا الوصف لأننا نكتب هذه السطور ونحن في حالة غضب شديدة ناتجة عن إهانة وُجهت لنا ليس من رجل سفيه أو جاهل أو متخلف وما كان ليرف لنا جفن فلا يمكن مجادلة جاهل, لا بل الطامة الكبرى أتت إلينا من أعلى هرم في الدين والذي يُفترض به أنه أعلم خلق الله بدينه وأنه أكثر خلق الله اهتمام باختيار الكلمات والمصطلحات التي تقرب المؤمنين لدينهم فلو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك, فوجب عليه أن يختار أفضل الكلمات وأكثرها احتراماً للمرأة عموماً فكيف إذا ما كانت كلماته موجهة إلى المرأة المسلمة).
كان موضوع خطبة الجمعة لهذا الأسبوع المرأة, ولكم أن تتخيلوا مدى الكلمات التي يمكن أن توصف بها المرأة في خطبة الجمعة لجذبها إلى دينها عن طريق الطلب منها أن تتفقه في هذا الدين وترجع إلى دينها وتتمسك به, هنا يطلب منها ذلك مخاطباً عقلها ووعيها وذكائها بأن تتفكر, ثم يصفها بعد ذلك بأنها خـُلقت طائشة, لا أدري, أصابني بعض الارتباك عندما سمعت خطبة شيخنا الجليل هذا فكيف تم خلق المرأة طائشة غبية لا تعقل وأنت معترف بذلك ثم تطلب منها أن تتفكر وتتفقه, لست أدري, ربما أصاب أُذنيّ بعض الوهن في غفلة مني.
هذا بعض ما جاء في خطبة الجمعة لهذا الأسبوع في جامع الناصري: (هكذا طبيعة الكون خلق الله للرجل الزكاء والقوة والحكمة, والطيش والحنان للمرأة ليتوازن الكون).
هنا عندما سمعت هذه الجملة تركت مكاني ودخلت وأغلقت باب الشرفة والنافذة وأشعلت التلفاز وقضيت بعض وقتي عليه, فلم تعد لي رغبة بالاستماع لخطبة كل الهدف منها هو زرع فكرة معينة في صفوف زبائن هذا الجامع بان نسائهم جميعاً: أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم وأخواتهم وجميع قريباتهم رغم ما يـُعانينه من آلام الفقر وآلام الهجر وآلام خيانة الزوج وفحشه وفجوره وهن جالسات في بيوتهن يربين أولادهن  رغم آلام الغدر والخيانة وآلام تعنيفهن وآلام تجثم على ظهورهن من التفكير كيف سيعلمن ويطعمن أولادهن ويعانين ما يعانينه فرغم كل ذلك فهن طائشات, وهناك من يـُحرض أزواجهن وأولادهن عليهن.
وبعد ذلك يتساءلون ويتحيرون ويتعجبون ويتفكرون عن سبب ابتعاد بعض النساء عن الدين وتململها منه, فالرجل في مفهوم وعقيدة هذا النوع من الشيوخ إنسان كامل وحكيم وعاقل وذكي حتى لو ارتكب المجازر وحتى لو ارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن, وحتى ولو كان يرتكب الحماقات الواحدة تلوى الأخرى وعلى مرأى ومسمع من الجميع, فهو رغم ذلك أذكى وأكثر حكمة وقوة من المرأة الطائشة حتى ولو كانت ناسكة متعبدة زاهدة بالأرض وما عليها, حتى ولو كانت في أعلى مراتب الذكاء, فالمرأة في مفهوم هذا النوع من الشيوخ غبية حمقاء بلهاء, ثم بعد إهانة المرأة وتحقيرها باسم الدين ويزعمون أن هذا الدين هو مُنزل من عند الله وهذا شرع الله, ثم عندما تضجر من هذا الدين الذي اخترعوه وأهانوها باسمه وابتعدت عنه وخصوصاً إذا كانت لا تدرك حقيقة الدين الصحيح الذي كرمها عقلاً وقلباً وجسداً تراها ابتعدت عن دينها ونبذته, ثم يتساءلون شيوخنا الأفاضل ذوي العقول الفذة ما بها قليلة العقل هذه, لا وبل يتحدثون إليها بازدراء وتعنيف وتهذيب وكأنها طفلة صغيرة طائشة حتى ولو بلغت الستين, نعم أيها الشيخ الفاضل لا فضل الله على وصفك, نحن النساء طائشات ومن كان طائشاً لا عقل ولا فهم له لا يمكنك محاسبته أو المطالبة له بالإقتداء بالدين, فماذا أنت وبقية شيوخنا الأفاضل ممن يقتدون بهذه الأفكار التي ما أنزل بها الله من سلطان فاعلون, اتركوا الطائشون وحالهم, دعونا وشأننا, حلو عن هذه المرأة الطائشة ودعوها وشأنها.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ), الكيد حسب لغة العرب هو الدهاء, والدهاء حسب لغة العرب أيضاً هو أعلى مراتب الذكاء, الله يخبرهم بذلك في قرآنه الكريم وشيخنا الكريم في جامعنا الناصري يستهزأ بها ويقول بأن توازن الكون يكون بطيشها وحنانها, نعم , لك ذلك, إن كان ذلك يُشعرك ببعض الذكاء والقوة أمام جمع كبير من الرجال فلك ذلك, ولكن تذكر بأنك مسؤول عن هذا الجمع الكبير يوم القيامة أمام الله, هذه الآية كثيراً ما أحب أن أسمعها من أفواه بعض الرجال الذين لم يـُنعم الله عليهم يوما ً بأن فتحوا قرأنه الكريم أو تفقهوا به, فهم يظنون أن هذه إهانة للمرأة ودائماً ما يحبون تذكيرها بهذه الآية الكريمة, ولا يعرفون التفسير اللغوي والشرعي لها, ويكررونها مراراً وتكراراً, فوالله لو عرفوا معناها ما تجرئوا على لفظها, نعم نسيت, فهم أذكى وأكثر حكمة, يمكنهم أن يـُفسروا كلام الله حسب ذكائهم دون الحاجة للرجوع لكتب الفقه واللغة, ربما أخطأت أنا ههنا, لا بأس.
منذ يومين تحدث لي أحد الأقرباء بعد أن أفتعل لي مشكلة مع إحدى القريبات كان هو مسببها, وبعد أن تم حل المشكلة وتبينت تفاصيلها قال لي بأن أغلب مشاكل العالم سببها النساء, فضحكت نعم نحن سبب مشاكل هذه الأرض, نحن من قام باختراع القنبلة النووية وتسببنا بموت ملايين البشر, نحن من افتعل الحرب العالمية الأولى والثانية وتسببنا بمقتل خمسين مليون كائن بشري وقطعنا الحرث والنسل, وتسببنا بكوارث يندى لها جبين البشرية, وسنكون نحن من يـُفجر الحرب العالمية الكونية الثالثة القادمة بإذن الله, لووول, ونحن من أقام الثورات العربية المزعومة وتكبدنا عناء تدمير البشر والحجر, ونحن من قمنا باغتصاب أنفسنا بشكل جماعي في هذه الثورات التي قامت لتُزيل طاغية من أجل حقوق سياسية فكانت أولى ضحيتها اغتصاب جماعي للنساء والتنكيل بهن, فوالله خير لهذه الأمة أن يجثم على صدرها طاغية وسفاح كالسفيه القابع في دمشق مائة عام خير عند الله من أن يـُهتك عرض امرأة واحدة مسلمة, لأن يـُهدم جدار الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من أن يـُسفك دم مسلم واحد فكيف إذا كانت إمرأة يـُمثل بجسدها بأبشع تمثيل وتـُقتل, لا أدري, ربما اغتـُصبت بسبب طيشها, إذن فالحق عليها, فمن أغتصبها أكثر ذكاء وحكمة منها, خرجها بتستاهل هذا جزاء الله لها لأنها طائشة.......... نعم نحن من قمنا بإسقاط جميع الحكومات في لبنان ونحن من قام باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونحن من قام بحرب تموز ونحن من قام بحرب نهر البارد ونحن من قام بسبعة أيار ونحن ونحن ونحن, ونحن من قام بثورة الآرز: نعم ربما بهذه الثورة العظيمة نحن مذنبات حتى النخاع فقد خرجنا بالملايين وفاقت أعدادنا أعداد الرجال نعم في هذه الثورة العظيمة كان لنا الشرف بأن نكون طائشات متهورات فاقدات للعقول التي أساساً وحسب قول شيخنا الكريم في جامعنا الناصري لم نكن نملك العقل أساساً, سلمت وسلم لسانك أيها الشيخ لما تقوم بتلقيمه لجيل كبير من الشباب الذين يذهبون للمساجد طمعاً للتزود ببعض الدين, فعلى ماذا يحصلون وعلى ماذا يتفقهون وعلى ماذا يتشربون وماذا يـُزرع في رؤوسهم؟ الجواب هو: هكذا طبيعة الكون خلق الله للرجل الذكاء والقوة والحكمة, والطيش والحنان للمرأة ليتوازن الكون.
يا له من توازن, حبذا يا شيخنا الجليل لو تـُعلمون الناس شؤون دينهم كما أنزلها الله تعالى وكما وردت على نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وكفوا عن إتحافنا بآرائكم الذكورية الشخصية التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي جلبت الكوارث على مجتمعاتنا العربية وفرقت شملها وتناثرت أشلائها وتفشى بها الحقد والكراهية ضد الدين, هذا عدا عن تكريه النساء وخصوصاً ممن لم يـُنعم الله عليها التفقه بدينها الحقيقي ولا تعرف مكانتها الحقيقية في الدين وتستمتع لهكذا خزعبلات وتظن بنفسها أسوء الظنون, نعم هذا النوع من شيوخنا الأفاضل سيحاسب حساباً عسيراً عما يخرج من فمه من تشويه لهذا الدين وتحقير أهم عماد ومدماك له ألا وهو المرأة فإذا لم تحترم المرأة دينها الذي حسب هؤلاء يـُهينها ويـُحقرها فمن سيقوم بتعليم هذا الدين للنشأ, هل كل هذه البشرية بمن فيهم الرجال الأكثر ذكاء وحكمة هم طائشون لأن من قامت بتربيتهم هي المرأة الطائشة؟ لا أدري, هل يستمع هؤلاء الشيوخ لكلامهم الذين يقولونه ويوجهونه للمتلقين؟ لست أدري  ....ولكن كل ما أفهمه هو أن هذا النوع من الشيوخ الأفاضل دائماً ما يعتقد في عقله الباطني والظاهري بأن كل خير يصيبه في هذه الحياة فهو من نفسه وكل شر يصيبه في هذه الحياة فهو من المرأة.
شكراً شيخنا الجليل في جامعنا الناصري, جزاك الله خيراً, وجعله في ميزان حسناتك.

ليست هناك تعليقات: